https://youtu.be/p_MXDvQxSjM
الحضارة الفرعونية أو ما يعرف بمصر القديمة، هي حضارة قديمة في الشمال الشرقي لإفريقيا، استمرت لأكثر من سبع آلاف سنة، وتركزت على ضفاف نهر النيل كمصدر رئيسي للحصول على الماء، ونجح الفراعنة في التكيف مع ظروف نهر النيل بحيث جُعلت الأراضي التي يرتفع فيها منسوب المياه جراء الفيضان للزراعة، وكان الفراعنة يعرفون الأوقات التي يفيض فيها نهر النيل، فيتجنبون التواجد في أراضيهم الزراعية في تلك الفترة، ولجؤوا لزراعة الأراضي المحاذية للنيل بزراعات تعتمد على فيضان النهر، حيث تزيد خصوبة التربة وإمدادها بالماء الوفير اللازم، وتزود التربة بمعادن المفيدة للزرع والتي تقويه وتزيد نموه.
كل حضارة تعزز وجودها بآثار تخلفها للدلالة على عظمتها وتخليدها في التاريخ، فالحضارة الفرعونية عمدت إلى بناء الأهرامات التي تعدّ من عجائب الدنيا السبع، وبنيت بطرق هندسية توازي العلم الحديث في عصرنا الحالي، ولغز تعامد الشمس مع الأهرامات في أوقات محددة من السنة، ومما حير العلماء كيفية بنائها في ظلّ انعدام الرافعات والآلات الحديثة التي تساعد على نقل ورفع الحجار الضخمة التي تتكون منها، لا سيما أنها بنيت على أرض رملية، وفي الأساس بنيت الأهرامات كمقابر ومدافن للعائلة المالكة وبنيت بطريقة هندسيّة تسهل انبعاث الروح مرة أخرى بإحداثيات تمد الجثة المحنطة بإكسير الحياة الذي يساعدها على استمرارية شبابها وقوتها بعد البعث. وتتميز الأهرامات بوجود دهاليز مخفية تؤدي لغرف سرية إلى الآن غير مكتشفة بالكامل.
اعتمد الفراعنة في إخفاء أموالهم على حفر جدران المغارات والبناء عليها، أو دفنها في أماكن مميزة تحت الأرض، وكانوا يؤمنون بالانبعاث من القبر، فكان يدفن مع كل شخص حسب مكانته الاجتماعية قدرته المالية، والقطع الذهبيّة خاصّته الموضوعة في جرار لتخزينها. وتعدّ أرض مصر غنية بالآثار نتيجةً لذلك، فمنها الآثار المدفونة تحت التراب في المدافن، ومنها المخفي في الجبال، ومنها ما طمر تحت الأرض بشكل عشوائيّ نتيجة الفيضانات والتقلبات المناخية، فلم يعد لها مكان محدد، لكنها انتشرت في أرض مصر كلها.
الآثار الفرعونية قيمة وتباع بأثمان خرافية، وتهرب لخارج مصر لتوضع في متاحف الدول الأجنبيّة؛ لاستقطاب الزوار وتشجيع السياحة التي تعتمد على الآثار. وإنه لمن المؤسف أن تشهد على سرقة تاريخ أرض دون أن تستطيع فعل شيء لحمايته من السرقة، فتاريخ الأرض يوازي تارخ الشعوب بل متصل به اتصال وثيق. وتكونت مافيات وعصابات عالمية للتنقيب عن الآثار اعتمدت على أشخاص لهم دراية بالأرض وتاريخها، وفهم طبيعة الأماكن واحتمالية وجود المقابر الغنية بالقطع الذهبية، بالإضافة إلى أن المومياء الفرعونية بحد ذاتها مرغوبة لوضعها في المتاحف وإخضاعها للدراسات والأبحاث للتعرف إلى أسرار تحنيطها. وارتبطت الآثار الفرعونية ارتباطا وثيقًا بما يسمى لعنة الفراعنة، التي تتميز بوجود مردة من الجان والعفاريت لحماية هذه المدافن والقبور التي تحتوي على الكنوز الدفينة، وما إن تذكر الشياطين حتى تجتذب الدجالين الذي يدعون معرفة التعامل مع الرصد وفكّه، وقراءة الخرائط التي تشير إلى الكنوز والآثار الدفينة. والسبب في ملاحقة لعنة الفراعنة لمن ينقب عن المدافن الفرعونية والتسبب بوفاته، هي أن هذه المدافن محكمة الإغلاق، وكانوا يستخدمون مواد كيميائية في تحنيط الجثث، تؤدي إلى التفاعل مع الجثة على مر الزمن فتنبعث منها الغازات السّامة، وتبقى فيها بتركيز عالٍ؛ نتيجة عدم وجود منفذ لخروجها، وعند اكتشاف القبر وفتحه، يتم استنشاق هذه الغازات السامة التي تؤدي إلى الوفاة، ومن المعروف أنّ العقل البشري يبحث دائمًا عن إجابات، وفي الفترة التي انتشرت فيها أسطورة لعنة الفراعنة، لم يكن للمنطق العلمي أي وجود، وتصديق الأشخاص في تلك الحقبة بالأساطير والخرافات وإيمانهم بوجودها، وهي لا تتعدى كونها خرافة غير صحيحة فنّدها العلم وفسّرها بمنطق يقبله العقل، في الوقت الراهن حسب ما يقتنع به وهو العلم.
ويعتمد النخاسون الذين يهربون تاريخ الأرض المصرية للخارج مقابل حفنة من الدراهم التي لا توازي ذرة تراب، على الكثير من الوسائل في تحديد أماكن الدفائن النفيسة تتمثل بالخطوات التالية:
• يتم تتبع المواقع المحتمل تواجد الآثار فيها من خلال الأوصاف الواردة في السجلات التاريخية والروايات القديمة، فليست كلها خرافات ومنها ماهو حقيقي.
• في بعض الأحيان يتم التنقيب عن الآثار بالصدفة من خلال الحفر من أجل البناء، وسجلت حوادث اكتشاف مدن مطمورة تحت التراب بكامل خيراتها الثمينة بمحض الصدفة.
• استخدام الأجهزة المتخصصة في مسح المناطق المرجّح تواجد الآثار فيها، وتتم عملية المسح بطرق تقليدية سيرًا على الأقدام، والاعتماد على العين المجردة والدليل في تحديد العلامات المذكورة في السجلات التاريخية التي تدل على مكان الكنوز.
• في تقنيات متطورة يتم استخدام الطائرات المزودة بكاميرات خاصّة للكشف عما يوجد في باطن الأرض على عمق ثلاث أمتار.
• استخدام تقنية المسح السوناري للآثار المدفونة في البحار.
• بعد المسح الجويّ أو باستخدام الآلات، يتم تحديد الموقع، والبدء بالتنقيب بحرص شديد حتى لا تتضرر الآثار.