أحجار ستونهنج توصف بأنها واحدة من عجائب الدنيا، ورغم قدمها، لم يستطع علماء الآثار التنبؤ بالغرض الذي صنعت من أجله، أو فائدتها حتى اليوم.
أحجار ستونهنج توصف بأنها واحدة من عجائب الدنيا، ورغم قدمها، لم يستطع علماء الآثار التنبؤ بالغرض الذي صنعت من أجله، أو فائدتها حتى اليوم.
تُعتبر أحجار ستونهنج التي تقع في مدينة ويلتشر بإنجلترا واحدة من المعجزات التي ظُلمت بعدم اعتبارها ضمن عجائب الدنيا السبع، هذا بالرغم من اعتراف منظمة اليونيسكو بها كواحدة من أعظم الآثار الخالدة الغامضة، والتي تكمن عظمتها في عدم معرفة استخداماتها أو سبب وجودها حتى الآن، والذي يُرجح أن يكون قبل الميلاد بخمسة آلاف عام، أي أنها تسبق الأهرامات الثلاثة وسور الصين العظيم وحدائق بابل المعلقة، بل يُمكن القول أنها ترجع إلى العصر الحجري العتيق، وهذا بالضبط ما يدفعنا إلى البحث خلف تلك المعجزة المُسماة بأحجار ستونهنج ومعرفة قصتها كاملة.
أحجار ستونهنج : ملف كامل عن الأحجار الغريبة ما هي أحجار ستونهنج؟
كلمة ستونهنج باللغة الساكسونية تعني الأحجار المعلقة، وهو الوصف الدقيق لها أيضًا، حيث أنها عبارة عن دائرتين مُتداخلتين من الأحجار المُعلقة، وهي مُحاطة كذلك بتل من التراب على شكل دائري، والواضح من الشكل القائم كما تقول أغلب الدراسات أنه لم يتم بناء أحجار ستوهنج دفعةً واحدة، بل مر الأمر بعدة مراحل، وهذا إن دل فيدل على أن تلك المعجزة لم يكن مقصودًا أن تخرج بهذا الشكل الموجودة عليه الآن، بل هي نتاج عدة مراحل تمت على مدار عشرات القرون، والواقع أن التاريخ قد عودنا أن المُعجزات تأتي بهذه الطريقة المُفاجئة والغير مُرتب
مراحل بناء أحجار ستونهنج
كما أسلفنا، أحجار ستونهنج قديمة قدم الإنسان، فقد صاحبته في العصر الحجري واستمرت إلى الآن، وبما أنه تقع في بريطانيا فمن الطبيعي أن تكون تلك الأحجار قد شُيدت بأيدٍ بريطانية، إلا أن كافة المؤشرات تدل على أن الإنسان البريطاني في هذا الوقت لم يبلغ من البراعة الهندسية والفكرية ما يجعله قادرًا على صنع تحفةٍ كتلك، لذلك يؤكد البعض أنها لم تُبنى دفعة واحدة، بل مرت بعدة مراحل تم خلالها إنجاز تلك التحفة، وهذا المراحل كانت:
المرحلة الأولى، التمهيد
من الطبيعي أن تكون أُولى المراحل هي التمهيد، وقد تمت هذه المرحلة بالنسبة لأحجار ستونهنج من خلال حفر خندق دائري، يبلغ قطره حوالي 110 متر، بينما يصل عمقه إلى متر ونصف فقط، وعلى حدود هذا الخندق تم بناء سد مُدعم بأكثر من ست وخمسين تجويفًا، وكانت تلك التجاويف مُخصصة لحمل أعمدة خشبية، وقد تمت تلك المرحلة برمتها عام 2900 قبل الميلاد.
المرحلة الثانية، التشييد
استمرت هذه المرحلة حتى عام 2500 قبل الميلاد، وفيها تم بناء عدة أعمدة خشبية جديدة، تكمن داخل الخندق المركزي، ونُصبت عدة أعمدة أخرى شمال وشرق الخندق، حيث كانت تلك الأعمدة بمثابة الحجر الأساس لأحجار ستونهنج بالشكل الموجودة عليه الآن.
المرحلة الثالثة، النهاية
في المرحلة النهائية تم استبدال الأعمدة الخشبية بأعمدة أخرى مكونة من صخور بركانية تكتسي باللون الأزرق وقد أخذت هذه الأعمدة أيضًا شكل الدائرتين البيضاويتين، ويبلغ طول كل عمود من تلك الأعمدة -التي يُقدر عددها بثلاثين عمودًا-حوالي أربعة أمتار، بينما الوزن يُقدر بحوالي 40 طن، وقد تضافرت كل تلك الصفات لتُخرج لنا في النهاية أحجار ستونهنج بالشكل الموجودة عليه الآن.
أسباب بناء أحجار ستونهنج
دائمًا تكون الأسباب مجهولة بالنسبة للأشياء التي شُيدت قبل الآف السنين، فلا أحد يعرف السبب الحقيقي لبناء صرح كبير مثل أحجار ستونهنج، والذي استغرقت مراحله الثلاثة عدة قرون، رغم ذلك، يُمكن التنبؤ ببعض النظريات والأسباب حول بناء أحجار ستونهنج، ورغم أنها مجرد افتراضيات غير مؤكدة إلا أنها تتسم بالكثير من المنطقية والمعقولية، وأهم هذه الأسباب ما يلي:
صناعة الغزاة، الاحتمال ألأضعف
يرى البعض أنها أحجار ستونهنج تم بناءها على يد مجموعة من الغزاة في العصر الحجري، كدليل مادي على احتلالهم للبلاد، وما يؤكد ذلك هو وجود بعض الأحجار المماثلة في بعض دول أوروبا، تصميم الأحجار كذلك أيضًا يُعد دليلًا على صدق هذه النظرية، فقد تم استخدام نفس المسافات تقريبًا بين كافة الأحجار الموجودة في كافة أنحاء أوروبا. هذا الأمر كان يُمكن أن يُؤخذ به لولا وجود دليل يؤكد على أن أحجار ستونهنج هي الأولى من نوعها من حيث الشكل والحجم، وعليه فإننا نستطيع أن نعكس السبب ونقول إن بريطانيا صاحبة الأحجار قامت باستنساخ تجربتها في الدول التي احتلتها.
مقابر ومعابد، السبب الأرجح
إذا ما انغمسنا قليلًا في الحقبة الزمنية التي تم فيها بناء أحجار ستونهنج فسنجد أن الغالب في هذا الوقت هو بناء تلك التُحف الفنية بدافع العظمة والعبادة، أو استخدامها كمقابر للأسرة الحاكمة، وأهرامات الجيزة تُعد خير دليل على ذلك الأمر، لكن ما يُبعد هذا السبب عن الواقعية هو عدم ثبوت التدين لدى القدماء البريطانيين، هذا إذا ما تمت المقارنة مع القدماء المصريين الذين كان لديهم هوس ديني كبير، وفي هذا الحالة سنرجع الاحتمال الأول وهو أن بعض الغزاة قاموا ببناء تلك الأحجار في بريطانيا أثناء احتلالها، وبذلك يرجع الأمر مرة أخرى مُعقدًا ومشكوكًا فيه.
أسباب فلكية، أمر منطقي
إذا ما نظرنا إلى هيئة وحجم أحجار ستونهنج فسنجد أن القول بأنها قد بُنيت لتكون أداة فلكية هو قول منطقي ومقبول، حتى أن فتحات تلك الأحجار تظهر حسب التقارير مُتطابقة مع حركة الشمس ودورة القمر، ولهذا يُمكن اعتبار هذا السبب هو الأرجح لبناء أحجار ستونهنج، مع عدم التأكيد على ذلك لأن عظمة تلك الأحجار تكمن في الحيرة من وجودها.
من قام ببناء ستونهنج؟
يُعتبر هذا السؤال من أكثر الأسئلة التي تبحث عن إجاباتٍ منطقية لها، فلا أحد يُمكنه الجذم بأن الإنجليز القدماء قد قاموا بتشييد هذا الصرح، ولا أحد يمكنه كذلك نفي هذا الأمر لهم، والحقيقة أن البريطانيين لم يبذلوا جُهدًا لتأكيد أو نفي أي شيء، وهذا إن دل فيدل على تيقنهم من قيام أجدادهم بالبناء، وأن الأمر، من وجهة نظرهم، محسوم بطريقة لا تدع مجالًا للشك، لكن العالم لم يُقر لهم بذلك بعد، وعلى ما يبدو أنه لن يفعل، فصحيحٌ أن الأحجار تقع داخل الأراضي البريطانية، لكنها لم تُشيد بأيادي البريطانيين، هذا هو رأي الجميع عدا البريطانيين.
عنصر الجذب في أحجار ستونهنج
بات من الواضح للجميع أن الغموض الذي يلتف حول أحجار ستونهنج هو عنصر الجذب الأول نحوها، فالعالم لا يعرف بعد من بنى هذه الأحجار ولماذا قام بذلك، وبالطبع يظنون أنهم يرون تلك الأحجار سيعرفون كل شيء، وهذا بالضبط ما يجعل أعداد السياح تزداد من عامٍ إلى آخر، حتى أصبحت تتجاوز المليون سائح سنويًا، هذا بخلاف السياح الذين يأتون لرؤية باقي معالم وآثار إنجلترا، وهم لا يتجاوزون نصف من يأتون لرؤية أحجار ستونهنج فقط، وبذلك يظهر الاعتماد الكلي للسياحة البريطانية على تلك الأحجار، وهو أمر ليس بالسيئ، لأن مصر مثلًا تعتمد بشكل كبير على أهرامات الجيزة كعامل الجذب الأول للسياح، لكن الفارق بين المعلمين أن الأهرامات معروفٌ من قام ببنائها ولماذا فعل ذلك، أما فيما يتعلق بأحجار ستونهنج فيبقى السبب غامضًا حتى الآن، وتبقى تلك الأحجار، كما ترى منظمة اليونيسكو، مُعجزة خالدة.