أوضح فريق من الباحثين بمستشفى "بوسطن للأطفال"، الموالية لمعهد "ماساشوستس" للتقنية، أن الأطفال الناشئين الذين يتحدثون بصفة منتظمة مع مَن هم أضخم منهم عمرًا تتألف يملكون روابط أشد بين اثنتين من الأنحاء الدماغية اللتين تؤديان دورًا رئيسيًّا في تعلم اللغات.
كما شددت التعليم بالمدرسة، التي نشرتها دورية "ذا جورنال أوف نيوروساينس" (Journal of Neuroscience)، أن النتائج التي توصل إليها الباحثون لم تتأثر بالمستوى الاجتماعي أو الجوهري أو التعليمي للآباء.
قام الباحثون بتصوير المخ لـ40 طفلًا تتراوح أعمارهم بين أربع أعوام وست، وينتمي آباؤهم إلى خلفيات اجتماعية واقتصادية غير مشابهة، فوجدوا أن مبالغة دورة التخاطب (والتي تم قياسها في أجازة عاقبة الأسبوع بجهاز إلحاق في البيت) أظهرت روابط أشد بين منطقتي "فيرنيك" و"بروكا" فيما يتعلق للأطفال، بغض البصر عن المستوى الاجتماعي أو الجوهري لأسرهم.
وتعتمد "مساحة فيرنيك"، والتي سُمِّيت بذلك الاسم نسبة إلى طبيب الأعصاب الألماني كارل فيرنيك، على وجود صلة بين القسم الخلفي اليسار من التلفيف الصدغي العلوي للمخ والقدرة على إستيعاب المفردات والمقاطع التي تتعلق بالصور الحسية والحركية للكلمات المنطوقة. إذ تؤدي أي إصابة يتعرض لها الفرد في تلك المساحة إلى اختلال في مقدرته على الفهم اللغوي.
أما "مساحة بروكا"، والتي تُنسب إلى مكتشفها عالم الأعصاب بول بروكا، فتوجد في صدارة الفص اليسار من الرأس، وهي التي تتحمل مسئولية تطبيق عملية الخطاب حركيًّا (تشكيل وبناء المفردات والجمل، واستخدام صيغة الجمع ووصف الممارسات، واختيار المفردات الوظيفية والسياق اللغوي كحروف الجر والعطف)، وتؤدي المشاكل التي تواجهها تلك المساحة إلى اختلال في اللغة التعبيرية، على أن يكون الفرد قادرًا على إستيعاب الخطاب المسموع والمقروء، ولكنه غير قادر على التحدُّث.
تقول "راشيل روميو" -باحثة ما عقب الدكتوراة بمستشفى بوسطن للأطفال، والباحثة الأساسية في التعليم بالمدرسة- في إفادات لـ"للعلم": "إن منطقتي "فيرنيك" و"بروكا" تُعنيان بدورة التخاطب (إستيعاب الخطاب والتحدث)؛ إذ تُعنى دورة التخاطب بالتفاعل في الجديد بين الأطفال والكبار. ففي كل مرة يتحدث الفرد البالغ إلى الضئيل ويرد عليه أو الضد، تُحتسب دورة تخاطب، ولذا فإن مبالغة دورات التخاطب تُعَد ذات ضرورة في تحديث أنحاء المخ التي تتحمل مسئولية إنماء اللغة في فترة الطفولة المبكرة".
وتتناقض نتيجة التعليم بالمدرسة مع دراسة أجراها الباحثان "بيتي هارت" و"تود ريسلي" في عام 2003، وانتهوا فيها إلى ما أطلقا عليه مصطلح "فجوة الثلاثين مليون كلمة"، مشيرين حتّى "الأطفال في الأسر الغنية يسمعون نحو ثلاثين مليون كلمة زيادة عن الأطفال في الأسر الفقيرة نحو بلوغهم سن الثالثة، وأن تلك المتغيرات يمكن حتى مشاهدتها بواسطة التصوير الإشعاعي لأدمغة الأطفال، وأن تلك الفجوة اللغوية لا تختفي بسهولة عقب سن الثالثة".
تقول "روميو": من الهام شات الأطفال منذ لحظة الولادة؛ إستيعاب يفهمون الخطاب قبل التحدث بمدة طويلة، ويتعلمون بواسطة تقليد ما يسمعونه من الكبار. ولا يهم أن يكون المحادثات ذا مستوى مرتفعٍ، ولكن الهام أن يكون هناك تجاوُب ورد إجراء من الطرفين، مثل تقليد بعض الأصوات والوجوه الضاحكة، أما فيما يتعلق للأطفال الأضخم سنًّا، فيُمكن طرح أسئلة تفتقر ردودًا أكثر من مجرد "نعم" أو "لا".
وتضيف أن "كثرة التعرض لمفردات اللغة، أيًّا كانت، تُعَدُّ أمرًا هامًّا في تفعيل المخ وازدياد ثروة التعبيرات اللغوية عند الطفل".